ترند

الإعلام في حرب غزة: آلة دعائية لتبرير الجرائم

لا يُفهَم أين تكمن “الدقة” و”الأداء المتميز” الذي تزعمه بعض الفضائيات العربية والغربية عند وصفها عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة! فأين البطولة في قصف مدنٍ مكتظةٍ بالمدنيين، وتدمير المساجد والمستشفيات والمدارس؟ وأين الإنجاز العسكري في حربٍ وحشيةٍ تشنها دولةٌ مدججةٌ بأحدث الأسلحة ضد شعب أعزل؟

تخلّى الإعلام الإسرائيلي عن أي ادعاء بالحياد، وكشف عن وجهه العنصري والدعائي الصريح. فقبل العدوان، مهّدت وسائل الإعلام العبرية – مثل “يديعوت أحرونوت” و”هآرتس” – لجرائمها بعناوين حمراء وخطابات تحريضية، مدعيةً أن “صبر إسرائيل نفد” بسبب صواريخ المقاومة! وزادت الطين بلةً بجولاتٍ دعائيةٍ نظمتها تسيبي ليفني لخداع الرأي العام العالمي.

ولم تكن هذه الآلة الإعلامية وليدة اللحظة، بل جرى تدريبها وتجهيزها مسبقًا، كما أكد أستاذ الإعلام “دوف شنعار”، الذي كشف أن إسرائيل وظفت العلاقات العامة والدعاية لتبرير جرائمها. وبمجرد بدء العدوان، أخفت وسائل الإعلام الإسرائيلية صور الضحايا من الأطفال والنساء، وفرضت على متحدثيها اتباع “كراس إلزامي” ينفي مسؤولية الاحتلال عن المجازر، زاعمًا أن سكان غزة “ليسوا أعداءً” – بينما طائراتهم تقتلهم كل يوم!

بل إن الصحف العبرية تحولت إلى منصات تحريض صريح، مثل عنوان “يديعوت أحرونوت”: “على خط النار”، أو مقال “هآرتس” الذي يحذر من ردود الفعل الدولية إذا تجاوز عدد القتلى “المقبول”! وكأن أرواح الفلسطينيين مجرد أرقام قابلة للتفاوض.

أما الإعلام الأمريكي، فكان نموذجًا صارخًا للانحياز والتجاهل. فبحسب مركز “بيو” للأبحاث، لم تخصص وسائل الإعلام الأمريكية سوى 2% من تغطيتها لأحداث غزة، بينما اهتمت بوفاة ممثلٍ بسبب المخدرات أكثر من اهتمامها بمجازر الاحتلال!

والسبب واضح: الإعلام الأمريكي يخدم الأجندة السياسية لواشنطن، التي تقدم الدعم المطلق للكيان الصهيوني. فبينما كانت غزة تُقصف، كان الإعلام الأمريكي منشغلًا بالانتخابات الرئاسية والأزمات الاقتصادية، وكأن مأساة الفلسطينيين لا تستحق الاهتمام.

التاريخ لن يغفر للعالم صمته على جرائم غزة. فمن يسكت عن قتل الأطفال والنساء شريكٌ في الجريمة. والإعلام الغربي، بدل أن يكون صوتًا للحقيقة، تحول إلى أداةٍ لتبرير المجازر وتضليل الرأي العام. لكن شعب غزة، رغم الحصار والدمار، أثبت أن المقاومة والكرامة أقوى من كل آلات القتل والدعاية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى