فارس شرف الدين شكري – كاتب جزائري
ا
الفقر، يجعلنا نعيش تعاستنا، بمرارة..الغِنى، يسمح لنا بأن نعيش تلك التعاسة، بكل رفاهية فقط…هذا كل ما في الأمر.
للحياة معنى آخر تماما…لا يرتبط بالفقر ولا بالغنى…
كل فلسفة العالم، وعبر جميع الأزمنة، حاولت أن تجيب عن هذا السؤال: ما هي الحياة؟ كل أنظمة العالم، حاولت أن توفّر للإنسان، الحياة التي تريدها هي أو التي تستطيع أن توفّرها هي، لكنها فشلت في إسعاده، لأن حجم التعاسة أكبر بكثير من حجم السعادة، ولأن الحياة، لا تحتاج إلى كثير من السعادة كي تواصل استمرارها. وربما، كانت التعاسة، هي المعنى الحقيقي للحياة، وليس السعادة…
أغلب من حاول الهروب من التعاسة، فشل. واغلب من آمن باستحالة السعادة الأبدية، نجح..
التعاسة، ليست غولا ينتظرنا عند عتبة بيوتنا، كي ينقضّ علينا ويلتهمنا، بل قد تغدو في كثير من الأحيان رفيقا صموتا، يأخذ بيدنا إلى نافذة البيت العتيق، ويمنحنا إطلالة على بانوراما الخراب الكبير الذي خلّفته حمافتنا خلال سني حياتنا، ونحن نحاول جاهدين اقتناص لحظات السعادة الماكرة عبثا، والتاريخ يضحك علينا دون أن ندري …
هل عشنا حياتنا الماضية كلها مغفّلين؟ هل نحن ملزمون بعيش ما تبقى منها أيضا مغفّلين؟
الخروج من هذه الكوميديا الإنسانية الآسنة ليس بالأمر الهيّن، وقد يكون الثمن حياتنا…فهل نحن مستعدون فعلا، لمغامرة الخروج؟ هل نحن مستعدون فعلا، لدفع ذلك الثمن الباهظ الذي لا يتكرر مرتين؟ هذا هو الفرق ، بين الإنسان السعيد، والإنسان الفقير الذي لا يمتلك الجرأة لتغيير حياته. المجازفة بالحياة، شجاعة لا يملك مفاتيحها الجبناء..وهنا يفترق البشر فيما بينهم. بشرٌ، يدخلون الحياة فقراء، وتنتهي فيهم الحياة فقراء، بلا اثر ولا ذكرى، وبشر يصنعون تاريخهم، ويحولون مسرى الحياة كما يريدون هم…