الإثنين , 5 يونيو 2023

رسائل شفائية ، الحلوى .

نسيبة عطاء الله – كاتبة جزائرية

رفّت طفلتي الدّاخلية إلى حلوى الطّفولة، وطلبتها روحي…”طورنو الطّلية” بالألوان التي خطرت في القلب، وقد علّمتني الآلام كيف أستمع لصوتي العميق وأستجيب، أردت أن أصلح عرجا ما في ساق الخاطر وركضتُ مع ابني الصّغير على العجين، كنت أتذكّر في كلّ عثرة طحين أنّني حزينة أكثر ممّا أحتمل، فحوّلت كلّ جرح تفتّح في الطّوابع والأشكال حُبًّا.. تركت لجسدي أن يعبّر وليديّ أن ترتجفا كيف شاءتا حتّى تستقرّان على درجة اللّون التي تُملى من الأعماق، كانت رحلة الطّورنو رحلة شفاء تحطّمت معها عظامي لأيّام، وأنا أعي أنّ أوجاع ظهري وطبوله الإفريقيّة وخناجره الغجريّة ما هي إلّا خفافيش الأسى تطير، وكلّما طلب زيد الأصيل حبّة أعطيته لأسمعه يقول: “ممم لذيذة”، لطالما كانت نُسيبة بارعة في جعل مراراتها لذّة للآكلين والشّاربين فكيف بروح طفلة صغيرة قابلت روحي ليلعبا معا!


كنت طفلة أهوى صنع الحلويّات بالتّراب، أعجنه بالماء وأسحب شهيقا ممتدّا، أجلس على حجر في انتظاره أن يجفّ حتّى أطعم ضيوفي اللّامرئيّين للعالم، فكبرتُ كخضراء اليمامة أرى في الهواء ما لا يراه أحد، أبعد من المسافات الزّرقاء وبياض قلبي..
وقالت أمّي: بنتي جاتها على الاخضر تاع الولية ربّي يخضّر ايّامها
الخضرا جات تهبّل، وقال ابني: ماما الزّرقا هي جات قاع الشّابة فيهم، وأكلت قططي من القلب الأبيض ففهمت أنّني هذه المرّة أبليتُ جيّدا مع جرحي، وكان لا بدّ أن أردّ للقلب دماءه التي نزفت بعيدا، دماء محلّاة بالسّكر النّاعم ليُطمر الملح الخشن للدّموع في بحار بعيدة أغرف منها للكتابة لا للحياة!


كان لا بدّ لنجومي أن تضيء فقد أظلمت طويلا… لقد كنت حزينة أكثر ممّا ينبغي وأريد أن أترك لظهري مهلته في الشّفاء، سيسّاقط كلّ شيء، في كلّ حبّ أصنعه ويتناوله أحبّائي مع كوب شاي، وأنا أستنشق عميقا كعكي التّرابي في فرن الدّراويش، أقضمه في الصّباحات الصّافية وأمسك يد نُسيبة الصّغيرة، أقبّلها لأنّها لا تتركني وحيدة.

شاهد أيضاً

إيلون ماسك ، عندما يجتمع الثراء الفاحش، المقامرات الجنونية و حسن الإدارة في شخص طموح!

عبد المنجي خلادي -كاتب جزائري – تعتبر منصة #تويتر الأفضل على الإطلاق في جانب الخصوصية، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *