هوامش: الارادة الخيرة وحدها لا تكفي لتجعل الفعل حسنا.. ليس عن كانط أتحدث..

شريف طاوطاو – كاتب جزائري

المبادرة التي قامت بها دار الوطن، والخاصة بانجاز سلسلة كتب للتعريف بأعلام الفكر الجزائري، مبادرة تستحق الاستحسان والدعم من حيث المبدأ، ولكنها بقدر ماكانت كذلك، بقدر ما طرحت بعض التساؤلات على مستوى الانجاز والتنفيذ، منها: هل وضعت هذه الدار لجنة علمية للقراءة والتحكيم في مستوى هذا المشروع الطموح توكل إليها مهمة دراسة المقترحات التي تقدم بها الكتاب، أولا، ثم ثانيا، تحكيم الكتب لاجازتها للنشر أم لا؟ فإذا لم تفعل ذلك، فقد كان عليها أن تفعل، لأن الارادة الخيرة وحدها لا تكفي لتجعل من المبادرة فعلا حسنا ومحمودا، ذلك أن هذه السلسلة يفترض أن تكون واجهة ومرآة للفكر الجزائري، كما يظهر من عنوانها.. لقد تبادر إلى ذهني وأنا أتصفح قائمة العناوين المرشحة للطباعة والنشر، أن هذه اللجنة لا وجود لها، واذا وجدت فإنها لم تقم بعملها كما يجب، حيث سجلنا على هذا المشروع جملة من الملاحظات السلبية، وهذه بعضها:


1- بعض الأسماء التي تم اقتراحها لا أعرف بأي معيار تم اقتراحها واجازتها لتكون ضمن أعلام الفكر الجزائري، فهي لا تملك في رصيدها كتابا واحدا منشورا، بل إن بعضها لا يمتلك مقالا منشورا في مجلة علمية محكمة ذات تصنيف دولي (وأرجو ألا يقال في باب المقارنة والرد بأن سقراط ودوسوسير لم يتركا مؤلفات، فإن مثل هذه المقارنة تعد جريمة في حق الفكر ) وبعضها لا يملك حتى شهادة دكتوراه في اختصاصه (ولو كان لها انجازات علمية وفكرية أخرى تذكر لما تحدثنا ههنا عن الشهادة) ولولا شهادة طلبتهم التي جعلت منهم مفكرين وفلاسفة، لما كان أحد ليسمع بهم في عالم الفكر. فهل يكفي نجاحهم وعطاؤهم على مستوى الدرس البيداغوجي، إذا سلمنا بذلك، ليكون معيارا لتصنيفهم في زمرة أعلام الفكر الجزائري؟ وهل يمكن الاعتداد بشهادة الطالب على أستاذه لاتخاذها معيارا لقيمة الأستاذ الفكرية، وهو (الطالب) لا يزال في بداية الطريق العلمي، ولايملك المستوى المعرفي الذي يؤهله للحكم على أستاذه من الناحية المعرفية، وربما أسس حكمه على أساس الأداء البيداغوجي لأستاذه فحسب، أو ربما أسسه على اعتبارات ذاتية تتعلق بما كان يحصله من درجات في الامتحان، أو على أساس طريقة تعامل الأستاذ مع طلبته، ومدى كرمه في منح الدرجات..
2 – ومما يلفت الانتباه في هذا المشروع، هو عدم مراعاة التخصص في انجاز هذا المشاريع، كأن تجد مثلا أستاذا متخصصا في التاريخ يكتب عن أستاذ في الفلسفة أو العكس، وهكذا (دون ذكر للأسماء)، أقول هذا لأن من تمرس على البحث العلمي يعرف جيدا أهمية شرط التخصص في هذه الحالة، إذا كان الهدف هو انجاز عمل علمي في المستوى المطلوب وليس مجرد التكديس الذي لايقدم أية إضافة على مستوى الكيف.
في الواقع، إن هذا المشروع بقدر ما أفرحنا يقدر ما خيب أملنا، خصوصا وأنه مشروع يفترض أنه مشروع ثقافي وطني، وهذا ما دعانا إلى ابداء هذه الملاحظات، فلو كان مجرد عمل فردي لأحد الباحثين حول شخصية ما لما أعرناه اهتمامنا، لأن فضاء الكتابة والنشر في الجزائر لم يعد يختلف عن فضاء وسائط التواصل الاجتماعي، كل واحد يكتب ما يشاء على جداره، مادام هناك من يصفق له ويطبل له..


وأخيرا، فإن أخشى ما أخشاه أن تظل القائمة مفتوحة لتمتد إلى أسماء أخرى أدنى مستوى ممن ذكرنا، وهو ما نتوقعه، مقابل غياب أسماء أخرى تستحق أن تكون على راس القائمة، دون أن ننكر أن هناك أسماء أخرى تضمنتها القائمة، هي حقا جديرة بأن تمثل الفكر الجزائري، وجديرة بأن يكتب عنها ويعرف بها لما قدمته للثقافة الجزائرية وللفكر الجزائري على الخصوص.. أقول هذا وانا أعرف أن هذه الملاحظات سوف تذهب في مهب الريح، بل سوف تحمل على وجوه من التأويل النفسي والايديولوجي المغرض، كما جرت عليه العادة كلما كان هناك نقد. فالنقد عندنا لم يعد له من أثر ايجابي سوى جلب الخصومة والعداوة، في ظل هيمنة ثقافة المجاملة والنفاق والرداءة والجهل المركب…
ملاحظة: الكلام هنا لايخص بالضرورة العناوين التي تظهر في الصورة، وإنما يخص المشروع ككل، إذ ثمة أسماء كثيرة أخرى يمكن الاطلاع عليها في موضعها..

شاهد أيضاً

منال البرج ، كاتبة و مترجمة في سن ال22 !

منال البرج، ابنة مدينة غرداية جنوب الجزائر ، 22 سنة طالبة ماستر (2) لغة إنجليزية …