يشجعون بعضهم البعض حتى ينجحوا

عبد القادر بوشريف _ كاتب جزائري

سألني صديق لماذا تشتري من محل للخضر والفواكه ما تحتاجه من مقتنيات، ولا تشتري من عند الباعة في الطرقات والارصفة..!؟
اخبرته ان هؤلاء الباعة هم ايضا يسترزقون وان الكثير منهم يقف تحت الشمس لساعات طويلة، واتمنى من قلبي ان يفتح لهم الله ابواب الرزق …
قلت لصديقي، الا ان البعض منهم وليس كلهم لا يتوانى في ممارسة افعال دنيئة، كأن يمرر لك خضر غير صالحة ” خامجة “، ويتحايل عليك في الميزان، بل قد تطلب كمية معينة، فيحتسب لك اكثر من تلك الكمية ويقول لك” جات 260دج” وانت طلبت ما قيمته (150دج)، قد تدخل معه في حديث يتطور الى نقاش وربما ينتهي بشجار و تخسر يومك لحظتها. وغيرها من الممارسات الاخرى، هنالك من يمارس عليك ديكتاتورية وكأنك عبد لديه، البعض يرمقك بنظرات حادة ان انت قمت بانتقاء بعض الخضروات.


كل هذا جعلني افضل ” فرويتا ” محل للخضر والفواكه ببوجليدة، يعمل على تسييره شاب في مقتبل العمر اختصاصه التسويق وقد تحصل على درجة عليا في هذا التخصص، عندما تدخل الى المحل يستقبل بابتسامة، تنظر الى الرفوف وقد وضعت فوقها الصناديق، ترى الخضر مصففة ومرتبة بعناية فائقة، يعمل على صناعة هذا المشهد الجميل شخص اخر مهمته العناية وترتيب الخصر والفواكه، للزبون كل الحرية في اختيار ما يريد واقتناء ولو “حبة بطاطة واحدة” انت ما تريد ، وفوق كل هذا يمارس نشاطه التجاري بشكل قانوني، يدفع الضرائب و فاتورة استئجار المحل والكهرباء والماء.
لذلك اشجع هذا الشاب و اقتني مقتنياتي من محله تشجيعا له على المواصلة والاستمرار.


حضرت ذات يوم لاحدى المعارض في ساحة عمومية بقادش الاسبانية، المعرض كان مخصص لبيع المحاصيل الفلاحية من خضر وفواكه، كانت هنالك العديد من الاجنحة وكان هنالك توافد كبير من قبل المواطنين، رغم ان كل الاسواق كانت مفتوحة والمتاجر والاسعار لا تختلف، الا ان المواطنين فضلوا المعرض.

عندما سألت احد المواطنين، السر وراء هذا الاقبال الكبير على البطاطا والجزر والبدنجان وغيرها من الخضروات الاخرى، معتقدا بيني وبين نفسي ان الامر يتعلق بازمة او ندرة في هذه المواد وان ” العقلية ” لا تختلف بيننا وبينهم وغيرها من الخواطر الاخرى السلبية، الى ان رد على سؤالي ذلك المواطن الذي كان يحمل كيسا فيه من كل اصناف الخضر، بقدر ما كانت اجابته متحضرة وبدون اي خلفية وبشفافية رهيبة، بنفس هذا القدر شعرت بخجل كبير، عندما قال لي ان هذا المعرض مخصص للمواطنين اللذين يخصصون قطع فلاحية في منازلهم مخصصة لزراعة الخضر والفواكه، وهذه الخضر من محاصيلهم الفلاحية والزراعية، وعلينا بتشحيعهم على المواصلة… هكذا حتى لا يفشلوا فيما هم يقومون به.
حينها ادركت معنى تلك العبارة التي تقول ” يشجعون بعضهم البعض حتى ينجحوا “..
فما احوجنا لان نشجع كل من يملك مبادرة ويعمل على تحقيقها .

شاهد أيضاً

الشقة المقابلة !

نجم الدين سيدي عثمان – كاتب جزائري أخبرني صديقي بهذه الحكاية فقال : رغبت عائلتي …