أحمد الرحموني – قاضي تونسي
ربما لاحظ بعضهم أن المراسيم أو الأوامر الرئاسية الصادرة بعد 25 جويلية 2021 والمنظمة سواء للسلط العمومية (كالأمر عدد 117 المتعلق بتدابير استثنائية والمرسوم عدد 11 المتعلق بإحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء) أو للحياة السياسية (المرسوم الأخير عدد 22 المتعلق بتنقيح بعض أحكام القانون الأساسي الخاص بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات) يهيمن عليها الإمعان بصورة لا مثيل لها في ترسيخ التبعية الهيكلية أو الشخصية للمؤسسات لرئيس الجمهورية والاعتماد في تسمياتها على مبدا التعيينات المباشرة دون أي حظ للانتخاب أو الاختيار المستقل أو الالتفات لما يسمى المعايير الدولية أو الممارسات الفضلى وهو ما يلغي أي مظهر ديمقراطي (ولو كان شكليا) لتدخل تلك الأوامر أو المراسيم في الحياة العامة ومصير المواطنين وحرياتهم.
وربما يصاب المختصون أو السياسيون في كل مرة بالصدمة والذهول أمام بعض النصوص الصادرة عن رئيس الجمهورية بصفة مباغتة والتي لها قوة القوانين العادية أو الأساسية وتتفوق في بعض الأحيان على أحكام الدستور.
ويظهر أن آخر “الأثافي” في هذا الصدد وهو المرسوم المنقح للقانون الأساسي الخاص بهيئة الانتخابات لم يترك أي مجال للتصرف في شؤونها خارج سلطة رئيس الجمهورية أو إرادته أو رغباته حتى أن الأمر قد انتهى إلى تنظيم تلك الهيئة الدستورية الموصوفة بالمستقلة على شاكلة الدواوين الملحقة برئاسة الجمهورية.!
فهل يمكن أن يرد على خواطرنا عند إعادة تنظيم هيئة عليا مستقلة الاعتماد مثلا على مبدا تعيينها وإعفاء أعضائها بالكامل من قبل رئيس الجمهورية ومنع الهيئة (حتى وان كانت معينة) من اختيار رئيسها أو نائب رئيسها بصفة جماعية، حيث اقتضى المرسوم الجديد أن رئيس الهيئة يعينه رئيس الجمهورية وان نائب الرئيس والناطق الرسمي باسم الهيئة يعينهما رئيسها فقط دون غيره وذلك سدا لذريعة التشاور والانتخاب!؟