عيد إسمه الشلالي!

أمس بعد صلاة المغرب، تذكرت شخصًا عزيزًا. فقررت أن أكتب عنه منشورًا عندما أجد الوقت المناسب. إنه العيد الشلالي، أحد أكثر الأشخاص الذين ساعدوني ووقفوا بجانبي.

كان العيد لاعبًا في فريق مدينة بريكة، وكنت عام 2001 في بداية مسيرتي الإعلامية مكلفًا بتغطية مباريات الفريق وبعض النوادي المجاورة. لم يكن بوسعي السفر في حافلة الفريق، فكان العيد يؤجر سيارة رفقة المناصر حسين صالحي “القوبع” ليسمح لي بالسفر وتغطية المباريات، لأنني لم أكن أملك المال للسفر بمفردي.

كان العيد لاعبًا فوق العادة، لذا كان يُسمح له بأن يسافر منفردًا ولم يفعل ذلك في الحقيقة إلا لأجل دعمي في بدايتي فقد كان مؤمنا بي، كان لاعبًا فوق العادة، لأنه أنه كان يتمتّع بقدرات هائلة، خاصة في الكرات الهوائية، ورغم أنه كان مدافعًا، إلا أنه كان يسجل أهدافًا كثيرة وينهي البطولة هدّافًا.

أذكر مرة أنني رافقته في سيارة مؤجرة إلى مدينة برج بوعريريج، وحدث عراك جماعي في نهاية المباراة بين لاعبي الفريقين. تعرض الفريق للظلم والاعتداء، لكنه لم ينسحب وبقي يقـات.ل وحيدًا على أرضية الميدان لدقائق، في مواجهة لاعبي المنافس كلهم وبعض المشجعين الذين كانوا يضربونه بينما يرد بقوة دون أن يقع أو يهرب إلى تفرق الجميع؛ عندما جاءت سيارة الإسعاف، رفض أن يركبها وأصر على المغادرة معنا في السيارة رغم جروحه كي لا يعتقد أحد أنه هرب من العراك، كان يتمتع بقوة جسمانية هائلة. إيجابيا للغاية، وأكثر من ذلك كان شهمًا وكريمًا جدًا وصاحب كلمة ومواقف لا تنسى، كان بالنسبة لي مدرسة في القيم الرجولية.

في إحدى المرات، طلبت منه أن يرافقني إلى الثانوية بعد أن طُلب مني إحضار ولي أمري. قلت له أن يرافقني بصفته خالي، فعلت ذلك خوفا من والدي، وهو ما تم بالفعل. كان يظن أن المراقب العام في المدرسة مسير لفريق لعب ويدين له بمبلغ من المال، لكنه اتضح أنه مجرد تشابه في الأسماء. رغم ذلك، دافع عني بشدة أمامه، وبمجرد أن خرجنا، وبخني بشدة وأعطاني درسًا حقيقيا طيلة الطريق، معبرا لي عن ندمه لأنه لم يكمل الدراسة، مؤكدًا أن الدراسة هي التي سترفع مقامي، كما لم يحدثني لأيام بعدها، وكان يدربنا وقتها إذ كنت لاعبا في صنف الأشبال، فكان يقسو عليّ ويتعمد تجاهلي.

كان العيد يريدني أن أكون صحفيًا ناجحًا، ربما لم أصل إلى المكانة التي تمناها، لكنني لا أنسى فضله عليّ؛ ووقفته في البداية وإيمانه بي وملاحظاته لي، مرة أعطاني مبلغا من المال قائلا “هاك روح فاكسي (الفاكس) بيهم” كأنه أحس أنني لا أملك المال فعلا لأرسل رزمة الأوراق تلك.

أما لماذا تذكرته بعد صلاة المغرب ؟ فبعد انتقالي للجامعة مباشرة، خرج العيد من صلاة المغرب من مسجد الرحمة، فشهد عراكًا بين شخصين وحاول فض النزاع، فأصيب بسكين وانتقل إلى رحمة الله وكان وقتها هدافًا لرابطة باتنة الجهوية. لا يمكنني أن أنسى العيد الشلالي، وهو أحد الأشخاص الذين أنا ممتن لهم في حياتي.
رحمك الله يا العيد الشلالي وجعل مثواك الجنة.

شاهد أيضاً

أفرام نعوم تُشُومِسْكِي Avram Noam Chomsky ماذا يبقى منه للتاريخ

د . العيد جلولي _ أكاديمي و باحث جزائري . قيل اليوم أن المفكر واللغوي …