القهوي !

🔴 نجم الدين سيدي عثمان _ إعلامي جزائري .

اليوم رأيت تصرفات أزعجتني، من يتجاوزني في الطابور دون أدنى احترام، ومن يرمي الأوساخ من نافذة سيارته، ومن لا يحترمني رافعا صوته بكلام بذيء، ومن يحتل الطريق العام بالقوة.
🔸هذه سلوكات لا علاقة لها بأي لون، هذه تصرفات ليست “قهوي” ولا “وردي” ولا “حليبي”…هذه تصرفات غير حضارية ونقطة إلى السطر.
لماذا يُربط التصّرف المشين بلون معيّن؟ هل يريدون أن يقولوا (ضمنيًا) إن من يتصرفون بهذه الطريقة أغلبهم من سمر البشرة أم ماذا؟ لماذا يجعلونه توصيفا مطاطيا قابلا للاستعمال بخبث عنصري وحجتهم أنهم يقصدون إدانة أفعال غير لائقة لا لون بشرة فاعليها؟ ثم منذ متى كنا في لهجتنا نربط السلوكات بألوان معينة؟
🔸”قهوي” لفظ مبتذل واستعلائي قذر قذارة من يستخدمونه، ومن يُذكون به نيران الكراهية والفتنة والتفرقة والميز العنصري، كنت قد لاحظت استعماله في فضاء الفتنة والفوضى هذا قبل بضع سنوات وكان حكرا على فئات محدودة ومعروفة بوقاحتها، لم يكن يستخدم إلا للازدراء وتحقير الآخر والحط من قيمته وأحيانا للإشارة إلى سمر البشرة بشكل صريح، قبل أن يخرج أحد المؤثرين التافهين قبل أيام، لينشر توصيف “قهوي” في كل مكان.
🔸لقد أراد إدانة أفعال غير حضارية تزعجنا أكثر مما تزعجه، لكن بأسلوب ركيك ومبتذل مستخدما هذا التوصيف العنصري، وسواء قصد ما فعل أو لم يخطط لما حدث إثرها، فقد نجح في النهاية بشكل باهر في إغناء قاموسنا العنصري بكلمة جديدة تضاف إلى ألفاظ حقيررة أخرى من نفس الطراز مثل كافي وشبرڨ وجبري وجبايلي وڨليط وبري وكعبة وغيرها.
🔸 السؤال الذي يراودني هنا، في الوقت الذي يجد هذا القاموس مرونة في اختراع كلمات عنصرية إقصائية جديدة في كل مرّة لماذا يعجز القاموس ذاته عن العثور على كلمات كثيرة يوصف بها الشخص المتحضّر؟
ثم متى يتكيف القانون الجزائري (كما يتكيف قاموسنا العنصري) ليجعل منها كلمات ممنوعة ومجرمة فالمستقبل مُنذر بالسوء خصوصا مع هذا الفضاء الذي يحضن هذه الكلمات ويوفر لهذه المعاني العنصرية بيئة الانتشار ويتيح استخدامها بشكل عدائي في أي وقت وضد أي كان؟

عن admin

شاهد أيضاً

البريكس و الجزائر ..

جمال ضو – كاتب جزائري . دعني أشير أولا أنني لست من المتحمسين لمجموعة البريكس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *