د . العيد جلولي _ أكاديمي و باحث جزائري .
قيل اليوم أن المفكر واللغوي الأمريكي نعوم تشومسكي فارق الدنيا وقيل أيضا أن قلبه مازال ينبض بالحياة ومهما تكن هذه الأخبار صحيحة أو مجرد شائعات فالرجل قد مات يوم توقف عن الكلام بعد إصابته بالسكتة الدماغية في 2024 حيث يقيم مع زوجته البرازيلية في ساو باولو بالبرازيل منذ عام 2015 وقد بلغ من العمر عتيا (95عاما)
ولد نعوم تشومسكي في مدينة فيلاديلفيا بتاريخ 7 ديسمبر عام 1928م، وقد كان تشومسكي عبقريًا حيث نال على درجة الدكتوراه في اللسانيات من جامعة بنسلفانيا، ومنذ عام 1955م أصبح أستاذًا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وأنتج نظريات رائدة ومثيرة للجدل حول القدرات اللغوية البشرية وارتباطها بالدماغ، كما يتم نشر أعمال تشومسكي على نطاق واسع سواء في المواضيع التي تتعلق في مجاله أو في قضايا المعارضة والسياسة الخارجية للولايات المتحدة.
وعُرِف عن تشومسكي معارضته للسياسة الخارجية الأمريكية ومساندته قضايا التحرر في العالم، كما أن الأكاديميين المتخصصين في علم اللغة يعرفون قيمة الرجل الذي ألّف الكثير من الكتب في مجال علم اللسانيات، ومن بين كتبه الرائدة كتاب “الهياكل النحوية” و”اللغة والعقل” و” جوانب نظرية بناء الجملة “، وكذلك ألف أكثر من 100 كتاب عن الحروب والسياسة ووسائل الإعلام، وكان آخرها “قداس الحلم الأمريكي: المبادئ العشرة لتركيز الثروة والسلطة”.
واشتهر أيضا بنقده الحكومة الإسرائيلية معتبرا أن أنصار إسرائيل هم في الحقيقة أنصار لانحطاطها الأخلاقي ودمارها النهائي المحتمل وبأن «اختيار إسرائيل الواضح للتوسع أكثر من الأمن سيؤدي بالتأكيد إلى تلك العواقب.» ويعارض تشومسكي تأسيس إسرائيل كدولة يهودية قائلاً «لا أعتقد أن إيجاد دولة يهودية أو دولة مسيحية أو دولة إسلامية هو مفهوم صحيح وكنت سأعترض لو أن الولايات المتحدة أسست كدولة مسيحية.»
لهذا لم يعترض تشومسكي على قيام دولة إسرائيل كدولة ديمقراطية علمانية وإنما اعتراضه كدولة دينية توسعية وهذا التحول من الدعم البارز الى الغضب الواضح ظهر بعد حرب 1967 وحرب 1973 بعد أن بدأ التوسع والاحتلال.
ولعل الذي قدم تشومسكي كمعارض لإسرائيل وأمريكا هم التقدميون العرب أو اليسار العربي والحقيقة أن “التقدميين اليهود” لهم طروحات تختلف عن اليمين واليمين المتطرف في مسألة مفهوم الدولة الإسرائيلية.
ويذهب الدكتور ابراهيم علوش في مقال له بموقع المنبر العربي الحر إلى أن شهرة نعوم تشومسكي تعود الى ما أشاعه التقدميون العرب فهو يقول:
“وحيث أن النشطاء الجذريين الذين أقاموا فترة في الولايات المتحدة سبق لهم أن كشفوا حقيقة تشومسكي وأمثاله من “اليهود التقدميين” المزعومين، فإن إعادة إثارة النقاش حوله عربياً يدل، إن كان يدل على شيء، أن الاختراق التطبيعي للعقل العربي قد بلغ مستويات أيديولوجية، أو عقائدية، ولم يعد يقتصر على البعد السياسي أو الاقتصادي أو الأمني فحسب.
لذلك، بينما كان بعضنا يعد العدة لكشف حقيقة أولئك “اليهود التقدميين” واحداً واحداً بصورة منهجية، ظهرت على موقع يوتيوب مقابلة لتشومسكي في 23/5/2010 يذكر فيها أنه ليس ناقداً ل”إسرائيل”، بل هو على العكس داعمٌ لها، وتجدون ذلك المقتطف بالتحديد، وبشكل حرفي، في الدقيقة 3:30 من المقابلة الموجودة على الرابط أدناه.
وقد وفرت علينا تلك المقابلة كثيراً من الجهد والوقت حيث أنها جديدة، وبلسان تشومسكي، يكشف فيها أنه خدم في كيبوتز في فلسطين المحتلة، وأنه كان في صباه عضواً في منظمات صهيونية، وأنه يؤمن بحق الكيان الصهيوني بالوجود، “أسوةً بأية دولة أخرى”، منذ نيله اعتراف الأمم المتحدة، وأن غايته ليست التقليل من شأن “إسرائيل”، بل حمايتها من نفسها ومن نزواتها.
وبهذه المقابلة يكشف تشومسكي بلسانه أنه من اليسار الصهيوني، وأنه يعارض حتى المقاطعة الأكاديمية للكيان الصهيوني.”
رابط مقابلة القناة الثانية “الإسرائيلية” مع نعوم تشومسكي: